نعم لقلوب العاشقين

نَعَم لِقُلوبِ العاشِقينَ عُيونُ ** يَبينُ لَها ما لا يَكادُ يَبينُ
نَظَرنا بِها ما كانَ قَبلُ مِنَ الهَوى ** فَدَلَّ عَلى ما بَعدَها سَيَكونُ
نَهانا النُهى عَنها فَلَجَّت قُلوبُنا ** فَقُلنا اِقدُمي إِنَّ الجُنونَ فُنونُ
نَغُضُّ وَنَعفو لِلغَرامِ إِذا جَنى ** وَيَقسو عَلَينا حُكمُهُ فَنَلينُ
نَرُدُّ حُدودَ المُرهَفاتِ كَلَيلَةً ** وَتَفتُكُ فينا أَعيُنٌ وَجُفونُ
نُهَوِّنُ في سُبلِ الغَرامِ نُفوسَنا ** وَما عادَةً قَبلَ الغَرامِ تَهونُ

إِنَّ العُيونَ عَلى القُلوبِ شَواهِدٌ ** فَبَغيضُها لَكَ بَيِّنٌ وَحَبيبُها
وَإِذا تَلاحَظَتِ العُيونُ تَفاوَضَت ** وَتَحَدَّثَت عَمّا تُجنُّ قُلوبُها
يَنطِقنَ وَالأَفواهُ صامِتَةٌ فَما ** يَخفى عَلَيكَ بَرَيئُها وَمُريبُها

العَينُ تُبدي الَّذي في قَلبِ صاحِبِها ** مِنَ الشَناءَةِ أَو وُدّاً إِذا كانا
إِنَّ العَدُوَّ لَهُ عَينٌ يُقَلِّبُها ** لا يَستَطيعُ لِما في القَلبِ كِتمانا
وَعَينُ ذي الوُدِّ ما تَنفَكُّ مُقلَتُها ** تُبدي لَهُ مِحجَراً بَشّاً وَإِنسانا
فَالعَينُ تَنطِقُ وَالأَفواهُ صامِتَةٌ ** حَتّى يَرى مِن ضَميرِ القَلبِ تِبيانا

عَيناكِ قَد دَلَّتا عَينَيَّ مِنكِ عَلى ** أَشياءَ لَولا هُما ماكُنتُ أَرويها
وَالعَينُ تَعلَمُ مِن عَينِ مُحَدِّثِها ** إِن كانَ مِن حِزبِها أَو مِن أَعاديها
تظلّ في نفسك البغضاء كامنة ** والقلب يضمرها والعين تبديها